المقاربة التاريخية في تدريس علوم الحياة والأرض

ربما يتذكر كثير من الأساتذة حصة حكوا فيها للتلاميذ قصة اكتشاف علمي والاحداث المشوقة التي رافقته أو عرضوا للتلاميذ تصورات علمية تاريخية تبدو اليوم غريبة ومضحكة، الأكيد أن تلك الحصة أو تلك اللحظة كانت مميزة عن غيرها، حيث كان انتباه التلاميذ ومشاركاتهم غير عادية وكانت درجة النشاط والحيوية في القسم عالية جدا. كل ذلك يدل على أن مفاتيح التعلم النشيط والفعال كثيرة، ومن تلك المفاتيح اعتماد المقاربة التاريخية في تدريس مواضيع علوم الحياة والأرض. فماهي تلك المقاربة؟ وماهي فوائدها؟ وكيف يتم اعتمادها في الأنشطة؟

المقاربة أو النهج التاريخي هو أحد النهوج العلمية التي تعكس مراحل التفكير العلمي الذي تسعى مادة علوم الحياة والأرض لترسيخه لدى التلاميذ ويقصد بالمقاربة التاريخية مجموع الطرق والتقنيات التي يتم بها دمج معطيات تاريخية في التعلم عبر تحليلها واستغلالها في هدم التمثلات الخاطئة وبناء المفاهيم العلمية الجديدة وكذا الوعي بحقيقة العلم وكيفية تطوره. إن المقاربة التاريخية للمشكل العلمي هي مقاربة تدمج تاريخ العلوم في مراحل حل ذلك المشكل، من خلال عرض أو إنجاز التجارب التاريخية وتعرف الاحداث التي رافقتها والظروف التي تمت فيها.

تهدف المقاربة التاريخية في تدريس علوم الحياة والأرض الى:

• تعريف التلميذ بحقيقة العلوم وبناء المعرفة: يعتقد كثير من التلاميذ وحتى البالغون أن المعارف العلمية تنشأ عن اكتشافات متتالية واحدة تكمل الأخرى وباعتماد تجارب وملاحظات للظواهر الطبيعية بشكل عادي، لكن الحقيقة أكبر من ذلك وهذا ما تسعى المقاربة التاريخية لتوضيحه عبر الإشارة لمراحل التراجع والتقدم في اكتشاف المعارف العلمية، وكذا لدور السياق الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي الذي رافق تلك الاكتشافات. كما تكشف المقاربة التاريخية أهمية تكامل الاكتشافات وبالتالي عدم اعتبار كل اكتشاف علمي يرجع فقط لعالم واحد وكذلك دور الصدفة والحظ في تلك الاكتشافات.

• إزالة عوائق التعلم وإكساب التلميذ تفكير علمي نقدي: ما يعيق التعلم عند كثير من التلاميذ هو تشبتهم بمعارفهم وتمثلاتهم السابقة ومن طرق التخلي وهدم تلك التمثلات اعتماد المقاربة التاريخية، فبهذه الأخيرة يكتشف التلاميذ أن معارف كانت تعتبر حقيقة أصبحت اليوم غير ذلك وأن أشخاص تشبتوا وأصروا على أن ما يعرفونه هو الحقيقة أثبتت الأيام انهم كانوا على خطأ. إن وعي التلميذ بحقيقة ان كل معرفة تبقى تفسيرا قد يصبح خاطئا مستقبلا، يجعله يغير نظرته لما يدرس ويكتسب تفكيرا نقديا تجاه المعرفة ولا يصدقها تصديقا أعمى وبالتالي يزيل كل العوائق التي امامه في طريق التعلم.

• الوعي بأهمية وضرورة الخطأ: من الهواجس التي تجذرت لدى جل التلاميذ هو الخطأ باعتباره مصيبة وكارثة ويدل ارتكابه على الفشل والعجز، وهنا تتدخل المقاربة التاريخية في معالجة ذلك المشكل حيث يكتشف بها المتعلمون ان كثير من المعارف الحالية كانت تعتبر خطأ في الماضي وكثير من العلماء قدموا تفاسير وتصورات خاطئة قبل ان يصلوا للتفسير الصحيح والذي قد يصبح خطأ في المستقبل. إن الخطأ أساس المعرفة والتعلم ومن لا يخطئ لا يتعلم.

• الانفتاح على مواد أخرى: مما يُفتقد في كثير من الأحيان رغم أن التوجيهات التربوية ألحت عليه، هو الانفتاح على المواد الأخرى وذلك عبر ما يسمى بالكفايات المستعرضة. فأغلب الأنشطة التعليمية في مادة علوم الحياة والأرض تقتصر موضوعاتها على المادة فقط لكن اعتماد المقاربة التاريخية في تلك الأنشطة سيفتح المجال لمعارف من مواد أخرى كالتاريخ، الجغرافيا، الفلسفة، وغيرها، بالتالي سيعي التلاميذ العلاقات المركبة بين مختلف أنواع العلوم التجريبية والإنسانية.

• اكتساب مواقف إيجابية تجاه العلوم: من معيقات التعلم عدم ربط المعرفة بمحيط وحاجيات المتعلم، حيث يغيب الحافز في التعلم وتصبح المعرفة محصورة في جدران الفصل ومن مسببات ذلك هو عدم وعي كثير من التلاميذ بالخدمات والفوائد التي قدمتها الاكتشافات العلمية للإنسان في الماضي والحاضر والمستقبل، هذا الوعي ينشأ باعتماد المقاربة التاريخية التي تكشف كيف قدمت اكتشافات علمية خدمات مهمة للإنسان والإنسانية.

• امتلاك معرفية عميقة: عندما تقدم المقاربة التاريخية السيرورة التاريخية لاكتشاف علمي بما فيها من نجاحات وفشل واحداث، تتشكل لدى التلميذ معرفة عميقة وواسعة حول الموضوع المدروس عكس التلميذ الذي تقدم لها التجربة أو الإنجاز الأخير الذي مكن من اكتشاف الظاهرة المدروسة بالتالي فاعتماد المقاربة التاريخية يسمح للتلميذ بامتلاك معرفة عميقة تشمل كل ما يحيط بالموضوع من تجارب سابقة وأحداث مرافقة، كل هذا ينمي لدى التلميذ وعيا بحقيقة المعرفة العلمية.

يمكن اعتماد المقاربة التاريخية في الأنشطة عبر عرض وثائق، صور، تجارب، فيديوهات تعرض لتجارب تاريخية والظروف المحيطية بها كما يمكن إنجاز تجارب تاريخية لإثبات خطئها أو تأكيد صحتها. كل ذلك يترافق مع نقاش يسمح للتلاميذ بالتعبير عن آرائهم ومجابهة تمثلاتهم مع الموضوع المعروض أمامهم.

لا يوجد زمن مثالي لاعتماد تلك المقاربة بل يمكن إدخالها في كل مراحل النهج العلمي:

• كوضعية مشكلة ديداكتيكية تتضمن أحداث او تجارب تاريخية تحفز التلاميذ على تحديد وفهم المشكل العلمي.

• كأحد الفرضيات المطروحة بموازاة مع فرضيات التلاميذ.

• كسند من الأسناد للتأكد صحة الفرضيات وحل المشكل العلمي، إما عبر تجارب تاريخية او نصوص او نتائج تجريبية

• كامتداد لتعميق المعارف بعد الدراسة.

من الفقرات التي يمكن يتم إنجازها باعتماد المقاربة التاريخية:

• اكتشاف طبيعة الخبر الوراثي ابتداء من اكتشاف النووين من طرف ميستشر سنة 1869 وانتهاء باكتشاف بنية الحمض النووي من طرف كريك و واطسون سنة 1953. http://www.dailymotion.com/video/x5aiju8

• اكتشاف نظرية تكتونية الصفائح ابتداء من نظرية زحزحة القارات لفيغنير سنة 1912 وما جاء بعده من علماء ابتداء من الستينات أكدوا نظريته بتكتونية الصفائح. http://www.dailymotion.com/video/x5ewtbf

• اكتشاف التركيب الضوئي ابتداء من تصور أريسطو ثم تجربة جون بابتيست هيلمونت عن دور الماء وماتلاه من تجارب من أواخرها بتجارب كالفان سنة1950

https://drive.google.com/file/d/0B8JDBSqIsT60VUVDSGpJMGVGRmM/view?usp=sharing

• اكتشاف الهرمونات كمدخل للتواصل الهرموني. http://www.dailymotion.com/video/x5dmbvq

• ....

المراجع

• Intégrer des éléments d’histoire des sciences dans l’enseignement des SVT http://www.alsace.iufm.fr/web.ressources/web/ressources_pedagogiques/productions_pedagogiques_iufm/svt/2nd_degre/histoire_sciences_textes_officiels_2008.doc

• Intégrer une approche historique dans l’enseignement des sciences http://www.ia44.ac-nantes.fr/medias/fichier/1-dossier-ecst-fiche-histoire_1435566952477-pdf

• Quelques démarches utilisées en SVT http://crdp.ac-bordeaux.fr/sciences/Quelques_demarches-en-SVT.pdf

• La nutrition chez les végétaux http://www2.cegep-ste-foy.qc.ca/profs/gbourbonnais/pascal/nya/botanique/notesnutrition/notesnutrition1.htm